قصة بائعة الرمان
بعد ان تيقنت مارتا انها الوحيدة هي وإبنتها فيولا اللتان مازالتا على قيد الحياة على متن تلك الباخرة و التي ظنت في الاول انها هي من يبعدهما عن رائحة الموت إلى بر الامان والسلام .ولكن إصطدمت بالعكس.فالموت قريب في كل
مكان وفي اي مكان حتى في عرض البحر…فلم تعد مارتا تعلم مالذي تفعله لإنقاذ حياتها وحياة إبنتها فوضعت فيولا في حجرها ولملمت نفسها واحتضنتها بقوة ربما تستمد القوة من الصغيرة التي لاتعلم عما يدور من حولها شيئا سوى منحها الإبتسامة والضحكة الحلوة التي كانت عبارة عن مصل تهدء بها روع والدتها.
بقيت مارتا وابنتها على ذاك الحال في القبو مختبأتان ليومين كاملين لاتعلمان من ليلهما ولانهارهما شيئا ولاتعلما ان كانت مبحرة او الباخرة مازالت متوقفة في الساحل الجنوبي تتغذى هي وابنتها على الخبز اليابس المركون في اكياس
من الخيشة ربما كانت مأونة لبعض البحارة. التي تغمسها مارتا في الماء لكي تتبلل وتلين بعدها فيستصاغ طعمها قليلا وتسد منه جوعها هي وفيولا. ولولا تلك الاكياس من الخبز التي إكتشفتها فيولا مركونة في زاوية القبو مع برميلين كبيرين من ماء الشرب. فلولاهما لما ماتتا من الجوع والعطش لامحالة.
منذ 48 ساعة تقريبا لم تذق مارتا طعم النوم ولا الراحة النفسية ولا الجسدية و في لحظة غفوة منها وهي جالسة مع فيولا في حجرها متكئة على الحائط الخشبي إذ بشخص ما قادم نحو القبو وعلى إثر حس اقدامه فزعت مارتا من غفوتها فحاولت حينها ان تختبىء ولكن قواها خانتها فلم تستطع حتى النهوض من مكانها بل إنحنت جسدها على إبنتها
مستسلمة كليا لما ينتظرها إما موتا او حياة بعدها فاغمضت عينيها. وإذ برجل يدخل عليها كان شخصا كبير السن نوعا ما. ذوا لحية بيضاء وشعر مختلط بين الابيض والاسود. فراح يجول في القبو بعينية يمينا ويسارا حتى سقطت انظاره على المراة الجالسة في الزاوية..
فدهش من المنظر واتجه نحوها. ثم ثنا ركبتيه ليتمعن جيدا في الكائن الذي امامه هل هو حقيقي ام هو مجرد تمثال فقط.. ففوجىء الرجل بالفتاة الصغيرة التي في حجر المرأة تأخذ بلحيته وهي تضحك معه. هنا فتحت مارتا عينيها فاطلقت صرخة ثم كتمتها في حينها وهي تضغط على فيولا التي في حجرها وتعيد جسدها للخلف ودت لو ان الحائط
الخشبي للسفينة ينشق ويخبأها داخله بعيدا عن اعين الرجل في تلك اللحظة.. ولكن الرجل وقف من جديد وطلب منها ان لاتخاف ولاتهلع البتة. واخبرها انه مسالم ولايود إزعاجها او تأذيتها… ثم حمل عليها الصغيرة ومد لها يدها كي يساعدها على الوقوف..
وبعد ثواني من نظرات الخوف المتوجهة من مارتا نحو الرجل إذ اخيرا مدت يدها له لكي يسندها على الوقوف التي وقفت بصعوبة كانها هرمت واصبحت عجوزا في اليومين الفارطين فقط. ثم اخذت منه فيولا فهي لم تطمئن بعد للرجل. وتقدمت بخطوات ضئيلة كادت ان تسقط على وجهها مرارا وتكرارا. حتى صعدت السلالم وخرجت من القبو
الشبه المظلم لولا الفانوس الذي كان ينير عتمته.. ثم اخيرا هي تحت السماء وجه لوجه وبين الهواء العليل الذي يدخل غياشيمها ويخرج القذارة التي كانت تتنفسها في الاسفل والتي. اغلبها كانت تشبه الرائحة الكريهة للسردين بعد تعفنه..
نظرت مارتا هنا وهناك على سطح الباخرة تبحث عن القتلى الكثر والدماء التي كانت كالسيل العرم.. فلم تجد حينها شيئا وكأنها في حلم.. السطح اصبح نظيفا جدا يعكس لمعان شعاع الشمس ولا قطرة دماء تظهر على خشبه.
هنا تدخل الرجل معها وسألها إن كانت تبحث عن الموتى الذين كانوا هنا من قبل؟
#يتبع
بائعة الرمان. 4.
لمتابعة قراءة القصة كاملة اضغط على الرقم 4 في السطر التالي👇