ما معنى قول الله تعالى: (وأنه هو أغنى وأقنى)؟
الآية المباركة واقعةٌ في سياق بيان أنَّ خلق الإنسان وشؤونه وأحواله يرجع كلُّ ذلك في المآل والمنتهى إلى الله جلَّ وعلا، فمن ذلك أنَّه تعالى أغنى الإنسان وأقناه، وقد اختلف المفسِّرون فيما هو المراد من قوله: ﴿وَأَقْنَى﴾ فذكروا لذلك معاني عديدة أهمُّها:
المعنى الأول: أنَّ المراد من قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى﴾ (1) هو أنَّه تعالى أغنى الإنسان بالمال، وأعطاه القِنية وهو المال الذي يُقتنى ويدَّخر ويدوم كالبيت والبستان والمركب والمواشي كالغنم والإبل، فيكون أقنى من القِنية، ومنه قولك: قد اقتنيتُ كذا وكذا أَي عملتُ على أَنه يكون عندي لا أُخرجه من يدي، وقنوتُ الشيء أقنوه قَنْواً وقِنوةً، بالكسر أي جمعته (2).
وبناءً على ذلك يكون عطف (أقنى) على (أغنى) من عطف الخاص على العالم، فإنَّ الإغناء يشمل ما يُقتنى من الأموال، وإنَّما تمَّ ذكره رغم دخوله في المال للتنبيه على خصوصيته وعظيم أثره، وقد يكون المراد من الإغناء بالمال هو ما يكون من قبيل النقد ومن قبيل المال الذي يُستهلك بالانتفاع كالطعام والشراب
ويكون المال المقابل لذلك هو المال الذي يُقتنى ويُدَّخر ويكون له دوام كالبيت والماشية والدواب والبستان، وبناءً عليه يكون العطف من قبيل عطف المغاير على مغايره. فهو تعالى أعطى الغنى بالمال الذي يُستهلك، وأعطى المال الذي يقتنى، فمعنى أَقنى هو أنَّه أَعطاه ما يدَّخره بعد الكِفاية.
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم 3 في السطر التالي 👇