لم يكن ذو القرنين رجلاً رحالة، يسير هكذا بمفرده، بل مكَّنه الله من أسباب كل شيء، ومعنى ذلك أنه لم يكن وحده، بل معه وقوة وعدد وآلات، معه رجال وعمال، معه القوت ولوازم الرحلة، وكان بمقدوره أنْ يأمرَ رجاله بعمل هذا السدِّ، لكنه أمر القوم وأشركهم معه في العمل لِيُدرِّبهم ويُعلِّمهم ما داموا قادرين، ولديهم الطاقة البشرية اللازمة لهذا العمل. والحق ـ تبارك وتعالى ـ يقول: { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا.. } [الطلاق: 7] فما دام ربك قد أعطاك القوة فاعمل، ولا تعتمد على الآخرين؛ لذلك تجد هنا أوامر ثلاثة: أعينوني بقوة، آتوني زبر الحديد، آتوني أفرغ عليه قطراً.
زبر الحديد: أي الحديد الكبيرة ومفردها زُبْرة، والقِطْر: هو النحاس المذاب، لكن، كيف بنى ذو القرنين هذا السد من الحديد والنحاس؟
هذا البناء يشبه ما يفعله الآن المهندسون في المعمار بالحديد والخرسانة؛ لكنه استخ الحديد، وسَدَّ ما بينه من فجوات بالنحاس المذاب ليكون أكثر صلابة، فلا يتمكن الأعداء من خَرْقه، وليكون أملسَ ناعماً فلا يتسلقونه، ويعلُون عليه. لمتابعة القراءة اضغط على الرقم 3 في السطر التالي